الله بعوضٍ فهو لئيم، وقال آخر: اللَّهمَّ إن كنتَ تعلم أني أعبدُك خوفاً من نارِك فأحرقني، أو طمعاً في جنّتك فاحرمنيها، وإن كنتَ تعلمُ أنّي أعبدك حبّاً لك وشوقاً إلى لقائِك فأبِحْنيه. . وقيل لرابعةَ العدوية: ما لكِ لا تسألينَ اللهَ الجنَّة في
دعائِك؟ فقالت: الجارُ ثمَّ الدار. . . تعني بالجار: ذا الجلالِ والإكرام وقد أوردنا بيتَ المعرّي:
ولْتَفْعَلِ النَّفْسُ الجميلَ لأنّه ... خيرٌ وأحسنُ لا لأجلِ ثوابِها
غير مرَّةٍ فيما أسلفنا، وقال بعضهم في قوله صلى الله عليه وسلم:(أكثر أهل الجنّة البُلْهُ)، قال: لأنهم في شغلٍ فاكهون، شغلهم النَّعيمُ عن المُنْعم، ومن رضيَ بالجنّة عنِ اللهِ فهو أبْلَهُ. أقول: حديث: أكثر أهل الجنة البُلْهُ: حديث ضعيف انظر شرح الجامع الصغير للمناوي وعلى أنّه ضعيفٌ فقد أوّلوه تأويلاً حسناً: فقال الأزهري: الأبله: الذي طُبِعَ على الخير، فهو غافلٌ عن الشرِّ لا يعرفه - أقول: أو يعرفه ولكن يتجنَّبه - وقال النَّضْرُ بن شُمَيل: الأبله: الميّت الداء، أي أن شرَّه ميّتٌ لا ينبه له. والمرأة بَلْهاء، قال الشاعر:
ولقدْ لَهوْتُ بِطِفْلةٍ مَيَّالَةٍ ... بَلْهاَء تُطْلِعُني على أسرارِها
أراد: أنّها غِرٌّ لا دهاءَ لها فهي تخبرني بأسرارِها ولا تفطنُ لما في ذلك عليها. وقال الزِّبْرقان ابن بدر: خيرُ أولادِنا الأبْلَه العَقول، يعني: أنّه لشدَّة حيائِه كالأبله وهو عقول مبالغةٌ من العقل وقال الزمخشري في صفة الصلحاء: هيّنون ليّنون، غير أن لا هوادةَ في الحقِّ ولا دهانةَ، بُلْهٌ، غوصهم على الحقائقِ يعمرُ الألبابَ والأذهانَ، وذلك لأنّهم أغفلوا أمرَ دنياهم فجهلوا حِذْقَ التصرّف فيها فأقبلوا على آخرتِهم فشُغلوا بها فاستحقّوا أن يكونوا أكثرَ أهلِها.