الزّمخشريُّ: أراد بالنفاقِ الرياءَ، لأنَّ كلاً منهما إرادةُ ما في الظاهر خلافَ ما في الباطنِ. وقال الغزاليُّ: احذر من خِصال القرّاءِ الأربعة: الأمل والعجلة والكِبر والحسد، قال: وهي عِلَلٌ تعتري سائرَ الناس عموماً والقرّاءَ خصوصاً، ترى القارئ يطوِّلُ الأملَ فيوقعُه في الكسل، وتراه يستعجل الخيرَ فيُقْطعُ عنه، وتراه يحسد نظراءَه على ما آتاهم اللهُ من فضلِه فربَّما يبلغ به مبلغاً يحملُه على فضائحَ وقبائحَ لا يقدم عليها فاسقٌ ولا فاجر. وقال الفضيل بن عياض لابنه: اشتروا داراً بعيدةً عن القُرّاء، ما لي والقوم! إن ظهرت منّي زلّةٌ قتلوني، وإن ظهرت عليَّ حسنةٌ حَسدوني، ولذلك ترى الواحدَ منهم يتكبّر على الناس ويستخفُّ بهم مُعْبِساً وجهَه كأنّما يمنُّ على الناسِ بما يصلي زيادةَ ركعتين، أو كأنما جاءَه من اللهِ منشورٌ بالجنة والبراءةِ من النار، أو كأنّه استيقن السعادةَ لنفسِه والشقاوةَ لسائر الناس، ثم هو مع ذلك يلبَسُ لباسَ المُتواضعين ويتماوت، وهذا لا يليقُ بالتكبُّر والترفُّع ولا يلائِمُه لكنَّ الأعمى لا يبصر. . . أقول: كل ما قالوه في القُرّاء ممّا يصح أن يقال في علماء الدين وفي المتنسِّكين، لأنه يقال تقرّأ فلانٌ أي تفقّه، ويقال: تقرّأ: أي تنسّك، قال زيد بن تركي الزُّبيديُّ: وقال الفراء: أنشدني أبو صَدْفة الدبَيْري:
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ مَودُونةٍ ... أطرافُها بالحَلْيِ والحِنَّاءِ
مودونة: مليّنة وأطرافها نائب فاعل مودونة، ورووا أن بلال بن أبي بردة وفد على عمر بن عبد العزيز فجعل يديم الصلاةَ فقال عمر: ذلك التصنُّع، فقال له العلاءُ: أنا آتيك بخبرِه، فجاءه وهو يصلّي فقال له: ما لي عندك إنْ بعثْتُ أميرَ المؤمنين على توليتِك العراقَ؟ قال عُمالتي سنةً أي وظيفتي ومُرتّبي - وكان مبلغُه عشرين