للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما وهب أبوك لزُهير؟ فقالت: أموالاً فَنِيَت وأثواباً بَلِيَت وأشياءَ انْتُسِيَت، فقال الفاروق: لكن ما أعطاكموه زهيرٌ لا يفنى ولا يُنسى. . . وكتب أرسطو إلى الإسكندر المقدوني: إنّ كلّ عقيلةٍ يأتي عليها الدَّهرُ، فيُخلق أثرَها ويُميت ذكرَها، إلا ما رسخ في القلوب، من الذكرِ الحسنِ يتوارثه الأعقابُ. وقالوا: في الثناء الباقي على الدهر، خَلَفٌ من نفاد العمر.

قال الشاعر:

وإني أُحبُّ الخُلْدَ لوْ أَسْتطيعُه ... وكالخُلْدِ عندي أن أَبِيتَ ولم أُلَمْ

وقيل لبُزَرْجُمُهْر حين كان يقتل: تكلّم بكلامٍ نذكرُه، فقال: الكلامُ كثيرٌ، ولكن إن أمكنك أن تكونَ حديثاً حسناً فافعل.

ولما وُضع الوزيرُ محمدُ بن عبد الملك الزيات في التَّنّور قال له خادمُه: يا سيّدي، قد صرت إلى ما صِرْتَ وليس لك حامدٌ! قال: وما نفعُ البرامكةِ مِنْ صنيعهم، قال: ذكرُك لهم السّاعة، فقال: صدقت. . . وقال شاعر:

لَئِنْ طِبْتَ نفْساً عن ثَنائي فإنَّني ... لأطيَبُ نفْساً عن نَداكَ على عُسْري

فلَسْتُ إلى جَدْوَاكَ أعظمَ حاجةً ... على شِدَّةِ الإعسارِ مِنكَ إلى شُكْرِي

وقال أبو تمام:

ومُحَجَّبٍ حاولتُه فوجدتُه ... نَجْماً عنِ الرَّكْبِ العُفاةِ شَسوعا

أعدمْتُه - لمَّا عَدِمتُ نَوالَه - ... شُكْرِي فرُحْنا مُعْدِمَيْنِ جَميعا

وقال عوفُ بن محلم الشيباني:

فتًى يَتَّقي أنْ يَخْدِشَ الذَّمُّ عِرضَه ... ولا يتّقي حَدَّ السُّيوفِ البَواتِرِ