مَنَعْتَ إلا مِنَ الأكْفَاءِ ناكِحَها ... وكان منْكَ علَيْهَا العَطْفُ والحدَبُ
ولو عَضَلْتَ عن الأكْفَاءِ أيِّمَهَا ... ولَمْ يكُنْ لك في أطْهارِها أرَبُ
كانَتْ بناتِ نُصَيْبٍ حينَ ضَنَّ بها ... على المَوالي ولم تَحْفِلْ بها العَرَبُ
العُذْرة: البَكارة، والحَدَب: الإشفاق، وعضل الأيِّم: فالأيِّم: التي لا زوجَ لها بكراً كانت أو ثيّباً والجمع: أيامى وأيايم، وعضل الرجل أيِّمَه يَعْضُلها ويَعْضِلُها عَضْلاً: منَعَها الزَّواجَ ظُلماً قال تعالى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}، نزلت في مَعْقلِ بنِ يسار المُزَني - وكان زوَّج أختَه رجلاً فطلّقها، فلما انقضت عدَّتُها خطبَها، فآلى أن لا يزوِّجَه إيّاها ورغبت فيه أختُه فنزلت الآية. . . وكان نُصيْبُ الشاعر الأسودُ له بناتٌ وكان يرغب عن أن يزوِّجَهن من الموالي، والعرب لا ترغب فيهن، فبقين بلا زواج، قيل له يوماً: ما حال بناتِك؟ فقال: صببت عليهِنَّ من جِلْدي فكَسَدْنَ عليَّ. . . وكتب هذا الوزير الزيات إلى أبي تمام يوماً يحتجُّ عليه بأنّه يمدح غيره وأنّه لو اقتصر عليه لأغناه وأنَّ كثرةَ مدحِه الناسَ
زهَّدته فيه:
رَأيْتُكَ سَمْحَ البَيْعِ سَهلاً وإنّما ... يُغالي إذا ما ضَنَّ بالشَّيْءِ بائِعُهْ
هُوَ الماءُ إنْ أجْمَمْتَه طابَ وِرْدُه ... ويَفْسُدُ منه ما تُباحُ شَرائِعُهْ
فكتب إليه أبو تمام:
أبا جَعْفرٍ إنْ كنتُ أصْبَحْتُ شاعِراً ... أُساهِلُ في بَيْعي له مَنْ أُبايِِعُهْ
فَقَدْ كُنْتَ قبْلي شاعِراً ذا رَوِيَّةٍ ... تُساهِلُ مَنْ هانَتْ عليه بَضائِعُهْ
وصِرْتَ وزيراً والوِزَارةُ مَشْرَبٌ ... يَغَصُّ به بعدَ اللَّذاذةِ كارِعُهْ
وكَمْ مِنْ وزيرٍ قد رأيْنَا مُسلَّطاً ... رأيْناه قد سُدَّتْ عليه مَطالِعُهْ
وللهِ قوْسٌ لا تَطِيشُ سِهامُها ... وللهِ سَيْفٌ لا تُفَلُّ مَقاطِعُهْ