للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالحمدُ يُبْقِي ذِكْرَ كُلِّ فتًى ... ويُبينُ قدْرَ مَوَاقِعِ الكَرَمِ

والشُّكْرُ مَهْرٌ لِلصَّنيعَةِ إنْ ... طُلِبَتْ مُهُورُ عَقائِلِ النِّعَمِ

القمم جمع قِمّة: أعلى الرأس وأعلى كل شيء، والديم جمع ديمة: المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق يدوم ثلث نهار أو ثلث ليل فأكثر، والصنيعة: ما أسديت من معروف، والعقائل: كرائم الأموال وقال رجل لبعض ذوي السلطان: المواجهةُ بالشكر ضَرْبٌ من المَلَقِ، منسوبٌ من عُرف به إلى التَّخَلُّقِ، وأنْتَ تمنعني من ذلك، وترفع الحال بيننا عنه، ولذلك تَرَكْتُ لِقاءَك به، غيرَ أنّي مِن الاعترافِ بِمَعْروفِك، ونَشْرِ ما تطوي منه، والإشادة بذكره عند إخوانك، والانتساب إلى التقصير مع الإطناب في وصفه، على ما أرجو أن أكون قد بلغتُ به حالَ المُحْتمل للصَّنيعة النّاهض بحقِّ النِّعْمَةِ. وقال أبو يعقوب الخُرَيميُّ:

زادَ مَعْروفَك عِندِي عِظَماً ... أنَّهُ عِنْدَكَ مَحْقُورٌ صَغِيرُ

تتناساهُ كأنْ لمْ تأتِهِ ... وهْوَ عند الناسِ مَشهورٌ كبيرُ

وقال بعضُهم: لا تَثِقْ بِشُكْرِ مَنْ تُعطيه حتّى تمنعَه، فإن الصابر هو الشاكرُ، والجازعَ هو الكافرُ. . . وقال الشاعر:

إذا أنا لم أشْكُرْ على الخَيْرِ أهْلَهُ ... ولمْ أذْمُمِ الجِبْسَ اللَّئيمَ المُذَمَّمَا

ففِيمَ عَرفْتُ الخَيْرَ والشَّرَّ باسْمِهِ ... وشَقَّ ليَ اللهُ المَسامِعَ والْفَمَا

وقال ابنُ التَّوْءَم: كلُّ مَنْ كان، جودُه يرجع إليه، ولولا رجوعُه إليه لَما جاد عليك، ولو تهيّأ له ذلك المعنى في سواك لما قصد إليك، فليس يجب له عليك شكرٌ، وإنما يوصف بالجود في الحقيقة ويشكر على