للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاحتمال، حتى لا يقول لهما - إذا أضجره ما يستقذر منهما أو يستثقل من مؤنهما -: أُفٍّ، فضلاً عما يزيد على أفٍّ. . . قال: ولقد بالغ سبحانه في التوصية بهما كما ترى، حيث افتتح الآية بأن شفع الإحسان إليهما بتوحيده، ونظمهما - التوحيد والإحسان إلى الوالدين - في سلك القضاء - الأمر - بهما معاً، ثم ضيق الأمر في مراعاتهما حتى لم يرخص في أدنى كلمة تنفلت من المتضجر، مع موجبات الضجر ومقتضياته، ومع أحوال لا يكاد يدخل صبر الإنسان معها في الاستطاعة. . . وقوله: {وَلاَ تَنْهَرْهُمَا}: أي لا تنههما عما يتعاطيانه مما لا يعجبك، {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}: أي جميلاً، كما يقتضيه حسن الأدب والنزول على المروءة. وقوله سبحانه: {، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}، قال الإمام الزمخشري: فيه وجهان: أحدهما أن يكون المعنى: واخفض لهما جناحك كما قال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}، فأضافه إلى الذُّلِّ أو الذِّلِّ كما أضيف حاتم إلى الجود، على معنى واخفض لهما جناحك الذليل أو الذلول، والثاني: أن تجعل لذُلِّه أو لِذِلِّه لهما جناحاً خفيضاً كما جعل لبيد - الشاعر المخضرم - للشمال يداً وللقرة زماماً مبالغة في التذلل والتواضع لهما، وقوله سبحانه: {مِنَ الرَّحْمَةِ}: أي من فرط رحمتك لهما وعطفك عليهما لكبرهما

وافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس،