ولَمْ يكُنْ له يومئذٍ إلا ابنةٌ). . . رواه البخاريّ ومسلم وأصحاب السُّنن وغيرهم.
وإليك شرح هذا الحديث الشريف: لما كان سيدُنا رسول الله بمكّة في حجّة الوَداع ذهب إلى سعد بن أبي وقاص - وهو الصّحابيُّ الجليل الذي هاجر إلى المدينة قبل أن يهاجر إليها الرسول صلوات الله عليه، وقد شهد بدراً والمشاهِدَ كلَّها، وبَشّره الرسولُ بالجنة، وهو أحد رجال الشّورى السّتّة الذين رشَّحهم الفاروقُ للخلافة: وهو قائد جيوش عُمرَ في فتح العراق، ثمَّ مات بقصره في العقيق على مقربةٍ من المدينة سنة ٥٥ هـ بعد أن كُفّ بصرُه رضي الله عنه - أقول: لمّا كان الرسول بمكّةَ ذهبَ إلى سعد يعوده لمرضٍ اشتدَّ به حتى أشفى على الموت، وكان سعد يكره أن يموتَ بالأرض التي هاجر منها - مكّة - كما مات سعدُ بنُ خولة فلما سمع الرسولُ اسمَ سعد بنِ خولةَ من ابن أبي وقّاص ترحَّم عليه، وكان لسعد بن أبي وقاص إذ ذاك ابنةٌ واحدة ثم قال سعد لسيدنا رسول الله - كما جاء في بعض الرّوايات - إنه قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال، ولي ابنةٌ واحدةٌ، أفأوصي بمالي كلّه؟ قال الرسول: لا، قال: أفأوصي بالنّصف؟ قال: لا، قال: أفأوصي بالثلث؟ قال: فالثلثُ توصي به، والثلث كثير، ثم قال الرسول: - مُبيِّناً عن الحكمة في تركِ الوصيّة بالكثير إلى الوصيّة بالقليل: إنَّ تركَ ورثتِك أغنياءَ خيرٌ من تركِهم فقراءَ يمدّون أكفَّهم إلى الناس مُسْتَجْدين. . .