للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَوَرَدَتْ نَفسي وما كادَتْ تَرِدْ

قالوا: يا أبا مُلَيْكة، ألكَ حاجةٌ؟ قال: لا واللهِ، ولكِنْ أجْزَعُ على المديحِ الجيِّد يُمدَحُ به مَنْ ليس له أهلاً. قالوا: فمَنْ أشعرُ الناس؟ فأوْمَأ بيدِه إلى فيه وقال: هذا الجُحَيْرُ إذا طَمِعَ في خير يعني فمَه واسْتَعْبَرَ باكِياً؛ فقالوا له: قل لا إلهَ إلا الله، فقال:

قالَتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ ... عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكمُ وحُجْرُ

فقالوا له: ما تقولُ في عبيدِك وإمائِك؟ فقال: هُمْ عَبيدٌ قِنٌّ ما عاقبَ الليلُ النَّهارَ؛ قالوا: فأوْصِ للفقراءِ بشَيْءٍ، قال: أوصيهم بالإلحاحِ في المَسْألةِ فإنّها تجارةٌ لا تَبور، واسْتُ المَسؤول أضيقُ. قالوا: فما تقولُ في مالِك؟ قال: للأنثى مِنْ وَلدي مِثْلُ حظِّ الذكر. قالوا ليس هكذا قضى اللهُ جلَّ وعزَّ لَهُنَّ، قال: لكنّي هكذا قضيْتُ. قالوا فما توصي لليتامى؟ قال: كُلوا أموالَهم وانْكِحوا أمَّهاتِهم؛ قالوا: فهل شيءٌ تَعْهَدُ فيه غيرَ هذا؟ قال: نَعَم، تَحْمِلونَني على أتانٍ وتتركونَني راكِبَها حتى أموتَ، فإنَّ الكريمَ لا يموتُ على فراشِه، والأتانُ مَرْكَبٌ لم يَمُتْ عليه كريمٌ قطُّ، فحَمَلوه على أتانٍ وجَعلوا يذهبون به ويَجيئون عليها حتّى مات وهو يقول: