للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمُقتضي للمَنْعِ كونُه ذريعةً إلى التحاسد والتَّعادي مُعْرِبةً عن عدم الرضا بما قسم اللهُ له، وأنّه تَشَهٍّ لحصولِ الشيء له من غير طلب، وهو مذمومٌ لأن تمنِّي ما لم يُقْدَرْ له معارضةٌ لحكم القدرِ وتمنّي ما قدر له بغير كسب ضائع ومحال؛ وقد نعى الله في غير ما آيةٍ على أولئك الذين يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله

وفي الحديث: (لا حَسَدَ إلا في اثنتين: رجل آتاه اللهُ مالاً فهْوَ يُنْفِقُه آناءَ الليل وأطرافَ النهار، ورجل آتاه اللهُ قرآناً فهو يتلوه). . . . قال الإمام الأزهري: هو أن يتمنّى الرجل أن يرزقَه اللهُ مالاً ينفق منه في سبيل الخير أو يتمنّى أن يكون حافظاً لكتاب الله فيتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ولا يتمنّى أن يُرْزأ صاحبُ المال في ماله أو تالي القرآن في حفظه. وقال ثعلب: معناه ليس حسد لا يضرّ إلا في اثنتين، أقول: ومعنى ذلك أنّ كلَّ حسد ضار إلا في هاتين أي أن حسد صاحب المال ينفقه في سبيل الخير وحافظ القرآن يتلوه، غير ضار، لأنّ هذين على سبيل سواء يستحِقّان معه أن يُحسدا، أي أن يُغبطا. . . .

وقال حكيم: الحسد مِنْ تعادي الطبائع واختلاف التركيب وفساد مزاج البِنْية وضعف عقد العقل. . والحاسدُ طويل الحسرات. وقال حكيم: الحسد جرحٌ لا يبرأ، وحَسْبُ الحسود ما يَلْقى. وقال الحسن البصري: يا ابن آدم، لِمَ تَحسُدُ أخاك؟ إنْ كان اللهُ أعطاه لكرامتِه عليه، فلِمَ تحسد مَنْ أكرمَه اللهُ؟ وإن كان غيرَ ذلك فلِمَ تحسُدُ من مصيرُه إلى النار! وفي الأثر: الحسد يأكل الحسناتِ كما تأكلُ النارُ الحطبَ، وقال علي بن أبي طالبٍ: ما رأيتُ ظالماً

أشبهَ بمظلومٍ من الحاسد، نَفَسٌ دائم،