وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}، تنبيهاً على أن ذلك لهم رفعةٌ لا ضَعةٌ: قال: والتكبُّر يتولّد من الإعْجاب، والإعجاب من الجهلِ بحقيقةِ المحاسن، والجهلُ رأس الانسلاخِ من الإنسانية، ومن الكِبْرِ الامتناعُ مِنْ قُبولِ الحق، وأقبح كِبْرٍ ما كان معه بخلٌ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(خَصلتانِ لا يَجتمعانِ في مؤمنٍ: الكبر والبخلُ)، واستُحسن قول الشاعر:
ومن تكبر لرياسةٍ نالها دلَّ على دناءَة عُنْصره، ومن تكبَّر لِقِنْيَتِه جهلَ أنّ ذلك ظلٌّ زائلٌ وعاريةٌ مُستردّة، ومن تفكّر في ذاته فعرف مبدأه ومُنتهاه وأواسِطه عرفَ نفسَه وروَّض كِبْرَه، وقد نبَّه اللهُ على ذلك بقوله:{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ، يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}، وقال:{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ} وقال: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ}، ثم قال: وأمّا العِزّة فهي: الترفُّع بالنفس عما يلحقه منه غضاضة، والعِزّة منزلةٌ شريفة، وهي نتيجةُ معرفة الإنسان بقدر نفسه وإكرامُها
عن الضراعَةِ للأعراضِ الدُّنيوية، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، وفي الحديث:(لا ينبغي للمؤمن أنْ يُذلَّ نفسَه) ولذا قالوا: التكبّر على الأغنياء تواضُعٌ، تنبيهاً على أن هذا التكبُّرَ عِزَّة