فآسَى على حالٍ يقلُّ بها الأسى ... وقاتلَ حتى استبهَم الوِردُ والصّدر
وكر حِفَاظاً خَشيَةَ العارِ بعدما ... رأى الموتَ معرضاً على منهج المَكَر
وقال قطريُّ بنُ الفجاءُة:
أقولُ لها وقد طارَ شعاعاً ... منَ الأبطالِ: ويحَكِ لَن تُرَاعِي
فإنَّك لو سألتِ بقاءِ يومٍ ... على الأجلِ الذي لك لن تُطَاعي
فصبراً في مجالِ الموتِ صبراً ... فما نيلُ الخلودِ بمُستَطَاعِ
ولا ثوبُ البقاءِ بثوب عِزٍّ ... فيطوى عن أخي الخَنَعِ اليَرَاعِ
سبيلُ الموتِ غايةُ كلِّ حي ... فداعيه لأهلِ الأرضِ داعي
ومَن لا يُعتَبَط يَسأَم ويَهرَم ... وتُسلِمهُ المَنُونُ إلى انِقطاعِ
وما لِلمَرءِ خيرٌ في حياة ... إذا ما عُدَّ من سَقَطِ المتاعِ
أقول لها، أي للنفس، والشعاع: المتفرق، وهذا مثل، ومعناه المبالغة في الفزع، ولن تراعى
من الورع، وهو: الفزع. يذكر تشجيعه نفسه وتعريفه إياه - بعد ما استشعَرَت الفزَعَ - أن الأجل مقدَّر وأنَّ الزيادةَ لا تلحقه كما بين ذلك في البيت التالي. وأخو الخنع الذليل، والخنوع: الذلة، ولا يكاد الخنوع يستعمل إلا في ذلة في غير موضعها، واليراع: القصبة التي لا جوف لها، والرجل الجبان لا قلب له؛ فكأنه لا جوف له، فوضع اليراع مكان الجبان لأنه بمعناه. والاعتباط: الموت من غير علة. يقول من لم يمت شاباً مات هرماً، ويسأم: أي يسأم ما يعتريه من تكاليف