للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحَرْبُ لا يَبْقى لِجا ... حِمِها التَّخيُّلُ والمِراحُ

إلا الفَتى الصَّبَّارُ في ال ... نَّجْداتِ والفَرَسُ الوَقاحُ

مَنْ صدَّ عَنْ نيرانِها ... فأنا ابْنُ قَيْسٍ لا بَراحُ

المَوْتُ غايتُنا فَلا ... قَصْرٌ ولا عَنهُ جِماحُ

وكأنّما وِرْدُ المَنِي ... ة عِنْدنا مَاءٌ وراحُ

قوله يا بؤس للحرب، أصلُه: يا بؤسَ الحرب، فأقحِمَتْ اللامُ بين المُتضايفين، يدعو على الحرب ويذمُّ نكباتِها سُخريةً، ومعنى وضعت أراهِطَ: حطَّتْهم وأسقطتهم فلم يكن لهم ذكر ولا شرف في هذه الحرب فاسْتراحوا من مكابدتِها كالنساء، قال بعض الأعراب لرجل: إنّه قد وضع المكارم فاستراح، وقال رجل للأحنف: لا أبالي أهُجيتُ أم مُدحت، فقال: استرحت

من حيث تعبَ الكرامُ، وأراهط إمّا جمعُ أرْهُط جمع رَهْط وإما جمع رهط على خلاف القياس، والرهط: النفر من ثلاثة إلى عشرة، والجاحم: المكان الشديد الحر، من جَحَمَتِ النارُ فهي جاحمة: إذا اضطرمت، ومنه الجحيم، والتخيل: التكبُّر، من الخُيلاء. يقول: إنها لا تبقي على نخوة المنخوِّ، وذلك أنّ أولى الغَناء يتكرّمون عن الخُيلاء. ويختال المغرور فإذا جُرِّب فلم يُحْمدِ افتُضِحَ وسقط، أو تقول من كان ذا خُيلاء ومرح ثم بُلي بالحرب شغلته عن خُيلائه ومرحه. والمِراح بكسر الميم: النشاط، أي أنّها تكفُّ حَدَّة البَطِرِ النّشيط، وهذا تعريضٌ بالحارث بن عباد بأنّه صاحب خيلاء ومرح. والصبّار مبالغة صابر والنجدة: الشدة والبأس في الحرب، والوقاح: الفرسُ الذي حافِرُه صُلبٌ شديد، ومنه الوَقاحة.