إذا شِئْتُ حَفَّتْ بي عَلى كُلِّ سابِحٍ ... رِجالٌ كأنَّ المَوْتَ في فَمِها شَهْدُ
وهم يفضلون الشبَّانَ على الكهول في الحروب، وقد أورد الراغب في محاضراتِه أبياتاً عزاها إلى طاهرِ بن الحسين، في هذا المعنى، والأبيات وإن كانت في معناها قد أصابت مقطع الحق والسَّدادِ بيدَ أنَّ مبناها ليس من الجمال في شيء ومن ثمَّ استحسنّا أن نَنْثُرَها ونوردَها عليك منثورة بألفاظنا مع المحافظة على المعنى، وهاكَها: من صائب الرأي أن تستظهر في تدبير حَرْبك بالشيوخ المحنّكين الذين تمرّسوا بالأيام حلوِها ومُرِّها، والذين تغني آراؤها غناءَ العمل، وإياك أن تغشى الوغى إلا بحديث السن مقتَبَلِ الشَّباب، فإن الكهول الذين تنفس بهم العمر واقتربوا من مناهلِ الموت تراهم يتمثلون الموتَ أبداً بين أعينهم خوفاً وجزعاً، ومن جرَّاء ذلك يَجبُنون، أما حديثُ السن فإنَّ له شأواً بعيداً يُريغه، وآمالاً عِراضاً يُحاولُ تحقيقها، ومن هنا كان جريئاً طموحاً بعيدَ مُرتقى الهمّة فهو لا يُبالي أسقط على الموت أم سَقطَ الموتُ عليه، لأن الموت ليس منه على بال. . .