للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن جاؤوا في الغلائِلِ المُطَيَّبة والنِّعالِ السِّنديَّة، وذلك بعد هُدْأةٍ من الليل، فسلَّموا وجلسوا، ثم قال مَعْن، يا غُلام، ادْعُ يَزيدَ، فلم يلبث أنْ دخَلَ عَجِلاً وعليه سلاحُه، فوضع رُمْحَه بباب المجلس، ثم دخل، فقال معنٌ له: ما هذه الهيئة يا أبا الزُّبير، فقال: جاءني رسول الأمير فَسَبقَ وَهْمي إليَّ أنه يريدني لمُهِمٍّ فلبستُ سلاحي وقلت: إنْ كان الأمر كذلك مضيت ولم أعَرِّجْ وإنْ كان غيرَ ذلك فنزعُ هذه الآلةِ عنّي من أيسرِ الأشياء، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلمّا خرجوا قالت زوجتُه قد تبيَّنَ لي عذرُك، فأنشد متمثِّلاً:

نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاماً ... وعَلَّمَتْه الكَرَّ والإقْداما

وصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُماماً

وإلى ذلك أشار مُسلم بالبيتين المَذْكورين. ويُروى: أنَّ مُسلماً لمّا انْتَهى في إنشادِ هذه القصيدة إلى البيت الأول قال له يزيدُ الممدوح: هلا قُلْتَ كما قال أعشى بكرِ بنِ وائل في مدحه قيسَ بنَ معد يكرب:

وإذا تُجيءُ كَتيبةٌ مَلْمومةٌ ... شَهْباءُ تَجْتَنِبُ الكُماةُ نِزالَها

كَنْتَ المُقدَّمَ غَيْرَ لابِسِ جُنَّةٍ ... بالسَّيْفِ تَضْرِبُ مُعْلَماً أبطالَها