للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوْ تَزجُروا مُكْفهِرّاً لا كِفاَء له ... كالَّليْلِ يَخْلِطُ أصْراماً بأصْرامِ

تَبْدو كواكِبُه والشَّمْسُ طالِعةٌ ... نوراً بِنورٍ وإظْلاماً بِإظْلامِ

أو تزجروا عطف على ما قبله، والمُكْفهِرّ: الجيش العظيم، ولا كِفاءَ له: لا نظير له، ويخلط أصراماً بأصرام إمّا جعلته صفةً لليل والأصْرام جمعُ صريم وهو الليل المظلم فيكون المعنى يخلط مُظلماً بمظلم، وإمّا جعلته صفةً للجيش فيكون المعنى: يخلط كلّ حي بقبيلته خوفاً من الإغارة عليه، وقوله تبدو كواكبه. . . البيت يريد: شِدّة الهول والكرب، وهذا كما تقول العامة: أرَيْتُه النُّجومَ وسطَ النهار.

قال الفرزدق:

أريكَ نُجومَ اللّيلِ والشَّمْسُ حَيَّةٌ

وقال طرفة:

وتُريكَ النَّجْمَ يَجْري بالظُّهُرْ

وفي هذا المعنى يقول جرير:

والشَّمْسُ طالِعةٌ لَيْسَتْ بِكاسِفةٍ ... تبكي عليك نُجومَ الليلِ والقَمَرا

يقول: إن الشمس طالعة وليست بكاسفة نجومَ الليل، لشدة الغم والكرب الذي فيه الناس، فنجوم مفعولُ كاسفة

قالوا: وأحسنُ من قولِ النابغة قولُ زيد الخيل:

بَني عامرٍ هلْ تَعْرِفونَ إذا غَدا ... أبو مِكْنَفٍ قدْ شَدَّ عَقْدَ الدَّوابِرِ

بِجيشٍ تَضِلُّ البُلْقُ في حَجَراتِه ... تَرى الأكْمَ منه سُجَّداً للحَوافِرِ

وجَمْعٍ كمثلِ الليلِ مُرْتَجِس الوَغى ... كثيرٍ تواليه سَريعِ البَوادِرِ

قوله: قد شدَّ عقدَ الدوابر أراد: شدَّ دوابِرَ البَيْضة - أي مآخيرَها - بالدَّرْع لئلا تسقط إذا ركض الفارس: وقوله: تضلُّ البلق في حَجراته فحَجَراته: نواحيه جمعُ حَجْرة يقول: لكثرته لا يُرى به الأبلق