للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا تملّوا النعمَ فتتحوّل نِقماً، قال الشاعر:

بَدَا - حينَ أثْرَى - بإخْوانِه ... فَفلَّلَ عنهمْ شَباةَ العَدَمْ

وذكَّرَه الحزمُ غِبَّ الأُمورِ ... فبادرَ قبْلَ انْتِقالِ النِّعَمْ

وعن سيدنا رسول الله: (تنزل المعونة على قدر المؤونة) ومعناه: أنه كلما تكاثر على المرء من يحقُّ عليه أن يعولَهم ويقومَ بمؤونتهم، ففعل، أو كلّما أنفق المرء في سبيل البِرّ، أعطاه الله بمقدار ذلك، وجاء في الحديث المرفوع: (من وسّع وُسِّعَ عليه)، و: (كلما كثُرَ العيال كثر الرزق). . .

وقالوا في معنى النجدة وإقالة العثرات وواجبات ذوي الجاه: بذل الجاه زكاة الشرف. وفي الحديث: (إن الله يسأل العبدَ عن جاهه كما يسأله عن ماله وعمره، فيقول: جعلت لك جاهاً فهل نصرت به مظلوماً أو قوّمت به ظالماً أو أغثت به مكروباً!) وفي الحديث أيضاً: (أفضل الصدقة أن تعين من لا جاه له). . . وقال أبو تمام:

وإذا امْرُؤٌ أٍَسْدى إليَّ صنِيعَةً ... مِنْ جاهِهِ فكأنّها من مالِه

وكان زياد بن أبيه يقول لأصحابه: اشفعوا لمن وراءكم فليس كل من أراد السلطان - يريد: كل من بيده الأمر - وصل إليه، ولا كل من وصل استطاع أن يكلّمه. . . والأصل في هذا قوله سبحانه: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً}. قال المفسرون: الشفاعة الحسنة: هي التي رُوعي بها حقُّ مسلمٍ ودفع بها عنه شرٌّ أو جُلب إليه خيرٌ وابتغي وجهُ الله ولم