للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خلق الملائكة والجن والإنس]

وخُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، فهم سَفَرَةٌ، كِرَامٌ بَرَرَةٌ، حَافِظونَ، كَاتِبونَ، مُطَهَّرُونَ، لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، جعل الله منهم رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ. وقد أَطَّتْ (١) السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا للهِ (٢). وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ (٣) مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٤)، ثم خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينٍ. وخَلَقَ اللهُ الجن والإنس لعبادته وليختبرهم في طاعته، ولم يجعلهم مجبولين على الطاعة كالملائكة، بل منحهم إرادة وعقلاً وأسبغ عليهم نِعَمَهُ ظاهرة وباطنة، وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته، وابتلاهم بالشهوات والملذات وبالشدائد، ووعد المطيع بالثواب والعاصي بالعقاب، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ.


(١) أصدرت صوتاً من ثقل ما عليها.
(٢) الْمَلَائِكَةُ لَيْسُوا إنَاثًا، ولا يَأكُلُونَ الطَّعَامَ، ولهم قُدْرَةُ عَلَى التَّشَكُّل، ولَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب ولا صُورَة ولا جَرَس ولا بَوْلٌ مُنْتَقِع، ولَا يَصْحَبُونَ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ وَلَا جِلْدُ نَمِرٍ، ولَا يَقْرَبُونَ الْجُنُب، وتَتَأَذَّى الْمَلَائِكَةُ مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بنو آدم، ولهم قدارت وأحجام مختلفة وله وظائف وأعمال كثيرة.
(٣) الْمَارِج: اللَّهَب الْمُخْتَلِطُ بِسَوَادِ النَّار.
(٤) (السَّمُوم): هِيَ نَار شديدة الحرارة لَا دُخَان لَهَا تَنْفُذ من المسام.
وفي الحديث: "الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ". قيل: أي أنواع في خلقتهن ليسوا كبني آدم نوع واحد وخلقة واحدة. قال الحكيم الترمذي: والصنف الثاني هم الذين ورد النهي عن قتلهم في خبر نهي عن قتل ذوي البيوت، وخبر نهي عن قتل الحيات؛ فإن تلك في صور الحيات، وهم من الجن ومن سكان البيوت. وقال وهب: إن من الجن من يولد له ويأكلون، ويشربون بمنزلة الآدميين، ومنهم من هو بمنزلة الريح، لا يتوالدون ولا يأكلون، ولا يشربون، وهم الشياطين. والله أعلم.

<<  <   >  >>