للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بدء الغزوات]

وكانت أوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ في القِتَالِ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}. وابتدأت الغزوات في السنة الثانية من الهجرة، فأول ما غزا النبي صلى الله عليه وسلم الأبواء في شهر صفر، والأبواء بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً. وكان ذلك على رأس اثني عشر شهراً من مقدمه المدينة يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة وادعه رئيسهم مجدي بن عمرو الضمري ورجع بغير قتال. وكان قد استعمل على المدينة سعد بن عبادة. ولما وصل إلى الأبواء بعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلاً فلقوا جمعاً من قريش فتراموا بالنبل فرمى سعد بن أبي وقاص بسهم وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله.

ثم كانت غزوة بواط في ربيع الثاني حيث سار الصحابة مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ. وبواط: جبل من جبال جهينة، بقرب ينبع.

ثم غزا غزوة العُشَيْرَة يَعْتَرِضُونَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ ذَاهِبَةً إِلَى الشَّامِ، وكَانَ قَدْ جَاءَهُ الخَبَرُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَكَّةَ فِيهَا أمْوَالُ قُرَيْشٍ، فبلَغَ ذَا العُشَيْرَةِ، فَوَجَدَ العِيرَ قَدْ مَضَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ. (١) فنزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة، وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع الى المدينة ولم يلق كيداً. وأرسل سَرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَحْشٍ -رضي اللَّه عنه- إِلَى نَخْلَةٍ يترصد أخبار قريش، فَمَرَّتْ بِهِ عِيرٌ فيها تجارة لِقُرَيْشٍ، فأَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ مَنْ قَدِرُوا عَلَيْهِ مِنْهُمْ، وَأَخْذِ مَا مَعَهُمْ، فَكَانَ في هَذِهِ السَّرِيَّةِ أَوَّلَ خُمُسٍ في الإِسْلَامِ، وَأَوَّلَ قَتِيلٍ مِنَ الْكُفَّارِ فيِ الإِسْلَامِ، وَأَوَّلَ أَسِيرَيْنِ في الإِسْلَامِ.


(١) وَهَذِهِ العِيرُ هِيَ التِي خَرَجَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَيْضًا يُرِيدُهَا حِينَ رَجَعَتْ مِنَ الشَّامِ، فَكَانَ بِسَبَبِهَا حَدَثَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى.

<<  <   >  >>