[الحوض]
لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ غَيْرِكُمْ، تَرِدُونَ عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مِنْ السُّجُودِ، مُحَجَّلِينَ بُلْقٌ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ. إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَذُودُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ، وَأَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشَّعِثَةُ رُءُوسُهُمْ الشَّحِبَةُ وُجُوهُهُمْ، الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ السُّدَدُ - يَعْنِي أَبْوَابَ السُّلْطَانِ-، يُوَكَّلُ بِهِمْ مَشَارِقُ الْأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا، يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلَا يُعْطَوْنَ كُلَّ الَّذِي لَهُمْ. حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ، كَمَا بَيْنَ المَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ، يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ وَرِقٍ وَذَهَبٍ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَدًا، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ (١)، وَسَيَأْتِي رِجَالٌ وَنِسَاءٌ بِآنِيَةٍ وَقِرَبٍ ثُمَّ لَا يَذُوقُونَ مِنْهُ شَيْئًا.
(١) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ: "مَا أَنْتُمْ بِجُزْءٍ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ جُزْءٍ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ"، قَالَ طَلْحَةُ: فَقُلْنَا لِزَيْدٍ: وَكَمْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: كُنَّا سَبْعَ مِائَةٍ أَوْ ثَمَانِ مِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute