وقد قال له مُوسَى:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}. أي: هالكاً.
وعزم فرعون على ألا يبقي موسى ومن آمن معه في أرض مصر إما بنفيهم أو قتلهم ليتمكن من استعباد الباقين. فدعا موسى عليه، وقال في دعائه: ربنا إنك أعطيت فرعون والأشراف من قومه من زخرف الدنيا وبهارجها زينة، وأعطيتهم أموالًا في هذه الحياة الدنيا، فلم يشكروك على ما أعطيتهم، بل استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك، ربنا امْحُ أموالَهم وامحقها، واجعل قلوبهم قاسية، فلا يؤمنون إلا حين يشاهدون العذاب الموجع حين لا ينفعهم إيمانهم. وأمّن هارون على دعائه.
قال الله: قد أجبْتُ دعاءكما -يا موسى وهارون- على فرعون وأشراف قومه، فاثبتا على دينكما، ولا تنحرفا عنه إلى اتباع سبيل الجهال الذين لا يعلمون طريق الحق.
وأَمَرَ اللهُ مُوسَى بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ من مصر ليلاً، فلما كانت ليلة يوم عاشوراء، وكان يوم عيد في مصر وهو يوم الزينة، وكان بعض قوم موسى قد استعار من قوم فرعون الأقباط ذهباً للتزين به يوم العيد، فَخَرَجَ موسى بقومه لَيْلًا دون أن يشعر فرعون وقومه مع انشغالهم بالعيد، وحمل قوم موسى ما استطاعوا حمله من أموالهم ومتاعهم وأسرعوا بالخروج في الظلام.