للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القضاء والقدر والأخذ بالأسباب]

ولَو أَنَّكُم تَوكَّلُون على اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَما يَرزُقُ الطَّيرَ، تَغدُو خِماصاً، وتَروحُ بِطاناً. احفَظِ الله يَحْفَظْكَ، احفَظِ الله تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سَأَلْت فاسألِ الله، وإذا استَعنْتَ فاستَعِنْ باللهِ، تَعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاء يَعْرِفْك في الشِّدَّةِ، واعلَمْ أنَّ ما أخطَأَكَ لم يَكُن لِيُصِيبَكَ، وما أصابَكَ لم يَكُن ليُخطِئَكَ، واعلم أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعت على أنْ ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلَاّ بشيءٍ قد كَتَبَهُ الله لكَ، وإنِ اجتمعوا على أنْ يَضرُّوكَ بشيءٍ، لم يضرُّوك إلَاّ بشيءٍ قد كتبهُ الله عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ، واعلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ معَ العُسْرِ يُسراً. الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ (لَوْ) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا صَاحِبُهَا، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ، وَلَا تُحَدِّثُوا بِهَا إِلَّا عَالِمًا أَوْ نَاصِحًا أَوْ حَبِيبًا. وإِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ، فلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ، الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ، وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ، فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِنْ اللهِ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللهِ، فَلْيَحْمَدْ اللهَ عَلَيْهَا، وَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَلْيُفَسِّرْهَا. وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ؛ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَلْيَنْفُثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثَلَاثًا، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، وَلَا يُفَسِّرْهَا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ.

<<  <   >  >>