للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قسمة الغنائم في الجعرانة]

وغَادَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الطَّائِفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْجِعْرَانَةِ، وَفِي الطَّرِيقِ لَقِيَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْجُعْشُمِيُّ فأسلم، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْجِعْرَانَةَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِخَمسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، فَنَزَلَ بِهَا، وَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَة لَا يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ، يَبْتَغِي أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَيَحْرِزُوا مَا أُصِيبَ مِنْهُمْ، فَلَمَّا لَمْ يَجِئْهُ أَحَدٌ أَمَرَ بِتَقْسِيمِ الْغَنَائِمِ. وأعطى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَهُمْ سَادَاتُ الْعَرَبِ، وصبر على اعتراض ذِي الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيِّ في قسمة الغنائم ونهى عمراً أن يقتله، وأكرم حليمة السعدية وبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ، وعاتب الأنصار في فيما وجدوا في أنفسهم من قسمة الغنائم، ومدحهم وأثنى عليهم، وقال:"لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعبا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ".

وَبَعْدَ أَنْ قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ قَدِمَ وَفْدُ هوَازِنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَرَأْسُهُم: زُهيْرُ بْنُ صُردٍ، فبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ سَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِم أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ. فقال لهم:"اخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ"". قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَرَدَّ النَّاسُ عَلَى هَوَازِنَ جَمِيعَ السَّبْيِ. ثم قَدِمَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ رَئِيسُ هَوَازِنَ فَأَسْلَمَ.

<<  <   >  >>