[اشتداد أذى قريش على رسول الله]
ودَخَلَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهِيَ تَبْكِي، فقَالَتْ: هَؤُلاءَ المَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ لوْ قَدْ رَأَوْكَ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا بُنيَّةُ، ايتِيني بِوَضُوءٍ"، فتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمُ المَسْجِدِ.
وبَيْنَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي في حِجْرِ الكَعْبَةِ، إِذْ أقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعَيْط -لَعَنَهُ اللَّهُ- فَوَضَعَ ثَوْبَهُ في عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكبِهِ ودَفَعَهُ عَنِ النَبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَالَ: {أَتَقَتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِيَ اللَّهُ}.
وتَسَلَّطَ عَلَيْهِ عُتَيْبَةُ بنُ أَبِي لَهَبٍ بِالأَذَى، وشَقَّ قَمِيصَهُ، فَدَعَا عَلَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ"، فَخَرَجَ عُتَيْبَةُ فِي قَافِلَةٍ إِلَى الشَّامِ، فنَزَلَ مَنْزِلًا فجَاءَ الأسَدُ وهَجَمَ عَلَيْهِ، فَقتَلَهُ.
وجَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، وهُوَ جَالِسٌ حَزِينًا قَدْ خُضِبَ بالدِّمَاءَ، ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: مَالَكَ؟، فَقَالَ لَهُ: "فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ وفَعَلُوا"، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: أَتُحِبُّ أَنْ أرِيَكَ آيَةً قَالَ: "نَعَمْ". فنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الوَادِي، فَقَالَ: ادْعُ بِتِلْكَ الشَّجَرَةِ، فَدَعَاهَا فَجَاءَتْ تَمْشِي، حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ، فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَسْبِي".
وكَانَ يُصَلِّي عِنْدَ البَيْتِ، وأَبُو جَهْلٍ وأصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، أيُّكُّمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ، فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ، فَانْبَعَثَ أشْقَى القَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، وهُوَ عُقْبَةُ بنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فنَظَرَ حَتَّى إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ، وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ورَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute