ثم وقعت غزوة بني قينقاع في منتصف شوال، وكانوا حلفاء عبد الله بن أبي ابن سلول وكانوا أشجع اليهود وكانوا صاغة، فلما أظهروا صريح العداء والبغضاء وخالفوا عهد الصحيفة، وخاف النبي صلى الله عليه وسلم خيانتهم، استخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر، وعقد لواء أبيضاً حمله حمزة بن عبد المطلب، وحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة، فاشتد عليهم الحصار ونزلوا على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فأمر بهم فكتفوا، وأراد قتلهم، ثم كلمه فيهم حليفهم عبد الله بن أبي بن سلول، فوهبهم له، وأمر بهم أن يجلوا عن المدينة، على أن له أموالهم، وأن لهم النساء والذرية، وتولى أمر جلائهم عبادة بن الصامت، فلحقوا بأَذْرِعَات (١)، وتولى قبض أموالهم محمد بن مسلمة الأنصاري حيث تم تقسيمها بين الصحابة بعد إخراج الخمس للرسول صلى الله عليه وسلم.
(١) «أَذْرِعَات»: بالفتح، ثم بالسكون، وكسر الراء، وعين مهملة، وألف وتاء. كأنه جمع أذرعة، جمع ذراع جمع قلّة، وهو بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمّان، ينسب إليه الخمر. وهي الآن في (سوريا) على حدود الأردن الشمالية.