للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بشارة إبرهيم بإسحاق عليهما السلام]

وَجاءتِ الْبِشَارَةُ بِإسحاق مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِإِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ لَمَّا مَرُّوا بِهِمْ مُجْتَازِينَ ذَاهِبِينَ إِلَى مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ لِيُدَمِّرُوا عَلَيْهِمْ لِكُفْرِهِمْ وَفُجُورِهِمْ، وكان الملائكة جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، ولَمَّا وَرَدُوا عَلَى الْخَلِيلِ حَسِبَهُمْ أَوَّلًا أَضْيَافًا فَعَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ الضُّيُوفِ؛ شَوَى لَهُمْ عِجْلًا سَمِينًا مِنْ خِيَارِ بَقَرِهِ، فَلَمَّا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَرَ لَهُمْ هِمَّةً إِلَى الْأَكْلِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْسَ فِيهِمْ قُوَّةُ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّعَامِ، فَنَكِرَهُمْ إِبْرَاهِيمُ {وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}، قَالُوا: {لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} أَيْ لِنُدَمِّرَ عَلَيْهِمْ. فَاسْتَبْشَرَتْ عِنْدَ ذَلِكَ سَارَةُ غَضَبًا لِلَّهِ عَلَيْهِمْ. وَكَانَتْ قَائِمَةً عَلَى رُءُوسِ الْأَضْيَافِ، كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَمَّا ضَحِكَتِ اسْتِبْشَارًا بِذَلِكَ؛ بشرتها الملائكة {بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}، فَأَقْبَلَتِ {فِي صَرَّةٍ} أَيْ: فِي صَرْخَةٍ، {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} كَمَا يَفْعَلُ النِّسَاءُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ، وَقَالَتْ: {يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}؟، فأَكَّدُوا لها الْخَبَرَ بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ، وَبَشَّرُوهُمَا {بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} وَهُوَ إِسْحَاقُ، وَقد وُصفَ أَخُوهُ إِسْمَاعِيلُ بأنه غُلَامٌ (حَلِيمٌ) لِمَقَامِهِ وَصَبْرِهِ.

<<  <   >  >>