وقال عليه الصلاة والسلام: "الطُّهورُ شَطْرُ الإيمانِ". قيل المراد بالإيمان هنا: الصلاة، كما قال الله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}، والطهارة شرط في صحة الصلاة، فصارت كالشطر، وليس يلزم في الشطر أن يكون نصفاً حقيقياً، وهذا القول أقرب الأقوال. ويحتمل أن يكون معناه أن الإيمان تصديق بالقلب، وانقياد بالظاهر، وهما شطران للإيمان، والطهارة متضمنة الصلاة، فهي انقياد في الظاهر. (٢) وقال عليه الصلاة والسلام: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا. أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؛ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا، لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالْجَائِعِ لَا يَأْكُلُ إِلَّا التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ، فَمَاذَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ، أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟، لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. (٣) المكتوبة هي الصلوات المفروضة. (٤) أمر الإسلام بالزكاة وحث على الصدقة، وشرع الوقف الذي هو من أحكام الشريعة الإسلامية التي لم تشرع في غيره، وحرّم الإسلام الضرائب التي تؤخذ من الفقراء وتعطى للأغنياء، وحرم الربا والميسر وأكل أموال الناس بالباطل، وليس في الإسلام شح يهودي ولا تقشف بوذي ولا احتكار وقرصنة كما عند الغرب، والمسلمون لا يعبدون المال، ولا يلغون الملكية الفردية. (٥) تعبده كأنك تشاهده، فإن كان الحال أنك لا تشاهده فتوقن أنه يراك ويعلم ما في نفسك فتخشاه وتتقيه وتخلص له في كل أمورك. (٦) وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". (٧) أي: دين الإسلام ذو يسر بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم. (٨) المشادة: المغالبة، والمعنى: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق؛ إلا عجز وانقطع؛ فيُغلب. (٩) أي: الزموا السداد، وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط. وقال أهل اللغة: السداد: التوسط في العمل. (١٠) أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل، فاعملوا بما يقرب منه. (١١) أي: أبشروا بالثواب على العمل الدائم وإن قَلَّ. والمراد: تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنيعه، لا يستلزم نقص أجره. (١٢) أي: استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب مسافراً إلى مقصد، فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعاً؛ عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة؛ أمكنته المداومة من غير مشقة. وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة. (١٣) يعني: الْوَسَط الْمُعْتَدِل، لا إفراط ولا تفريط. (١٤) قال البيهقي رحمه الله: ففي هذا دلالة على أنه لا ينبغي أن يكون خوفه بحيث يؤيسه ويقنطه من رحمة الله، كما لا ينبغي أن يكون رجاؤه بحيث يأمن مكر الله، أو يجرئه على معصية الله - عز وجل. (١٥) سعى لتنزيه نفسه وصحائف أعماله من الحرام والاقتراب منه. (١٦) حفظ نفسه من ألسنة الناس واتهامهم له بالتساهل في الحرام والوقوع فيه.