للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نزول سورة الفتح]

قال سهل بن حنيف - رضي الله عنه -: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية، ولو نرى قتالاً لقاتلنا، ولقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أرد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لرددته، والله ورسوله أعلم، فجاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: " بلى "، فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟، قال: " بلى "، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟، أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً". فرجع عمر متغيظاً، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله، ولن يضيعه الله أبداً.

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: كنا نسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ليلاً فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء " فلم يجبني "، ثم سألته، " فلم يجبني "، ثم سألته " فلم يجبني ". فقلت لنفسي: ثكلتك أمك (١) يا ابن الخطاب؛ نزرت (٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات، " كل ذلك لا يجيبك؟ "، قال عمر: فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل في قرآن.

قال أنس - رضي الله عنه -: "نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويتم نعمته عليك، ويهديك صراطاً مستقيماً، وينصرك الله نصراً عزيزاً} مرجعه من الحديبية وأصحابه يخالطهم الحزن والكآبة، قد حيل بينهم وبين مناسكهم، ونحروا الهدي بالحديبية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لقد نزلت علي آيتان، هما أحب إلي من الدنيا جميعاً، فلما تلاهما قال رجل: هنيئاً مريئاً يا رسول الله، قد بين الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟، فأنزل الله - عز وجل - الآية التي بعدها: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها، ويكفر عنهم سيئاتهم، وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً}.


(١) أي: فقدتك، وأصله الدعاء بالموت، ثم استعمل في التعجب.
(٢) أي: ألححت.

<<  <   >  >>