للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سليمان عليه السلام]

ووُهِبَ لداود ابنُه سليمان إنعامًا من الله عليه وتفضلًا لتقر عينه به، وكان سليمانُ كثير التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، ورُفِعَت لداود وابنه سليمان عليهما السلام قضية بشأن خصمين؛ لأحدهما غنم انتشرت ليلًا في حَرْث (زرع) الآخر فأفسدته، وكَانَ حَرْثُهُمْ عِنَبًا نَفَشَتْ فِيهِ الْغَنَمُ، أَيْ: رَعَتْ لَيْلًا، فَقَضَى دَاوُدُ بِالْغَنَمِ لَهُمْ، فَمَرُّوا عَلَى سُلَيْمَانَ فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: لَا، وَلَكِنْ أَقْضِي بَيْنَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْغَنَمَ فَيَكُونَ لَهُمْ لَبَنُهَا وَصُوفُهَا وَمَنْفَعَتُهَا، وَيَقُومُ هَؤُلَاءِ عَلَى حَرْثِهِمْ حَتَّى إِذَا عَادَ كَمَا كَانَ رَدُّوا عَلَيْهِمْ غَنَمَهُمْ.

وخَرَجَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا صَبِيَّانِ لَهُمَا، فَعَدَا الذِّئْبُ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ وَلَدَهَا. فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ، وَقَالَتْ الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ - عليه السلام - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عليه السلام - فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَقْطَعُهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ، لِهَذِهِ نِصْفٌ، وَلِهَذِهِ نِصْفٌ، فَقَالَتْ الْكُبْرَى: نَعَمْ، اقْطَعُوهُ، وَقَالَتْ الصُّغْرَى: لَا تَقْطَعْهُ يَرْحَمُكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَالَ: هُوَ ابْنُكِ. فَقَضَى بِهِ لِلَّتِي أَبَتْ أَنْ يَقْطَعَهُ.

وورِثَ سليمانُ أباهُ داودَ في النبوة والعلم والملك، وقال متحدثاً بنعمة الله عليه وعلى أبيه: يا أيها الناس، عَلَّمنا الله فهم أصوات الطير، وأعطانا من كل شيء أعطاه الأنبياء والملوك، إن هذا لهو الفضل المبين.

وكَانَ لِنَبِيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عليه السلام - مِائَةُ امْرَأَةٍ. فَقَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي، فَلَتَحْمِلْنَّ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ وَلَتَلِدَنَّ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ. فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ.

<<  <   >  >>