للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الهجرة إلى الحبشة ومحاولة منعها]

وفي رجب في السنة الخامسة من البعثة النبوية (٨ ق هـ) خرج بعض الصحابة إلى الحبشة حيث أُذِنَ لَهُمْ فِي الْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ وَهُوَ أَوّلُ مَنْ خَرَجَ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ رُقَيّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَكَانَ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ عُثْمانُ بنُ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقد أقامَ المُسْلِمُونَ في الحَبَشَةِ بِخَيْرِ دارٍ عِنْدَ خَيْرِ جارٍ بَقِيَّةَ رَجَبٍ، وشَعْبَانَ إِلَى رَمَضَانَ، ثُمَّ عادُوا إِلَى مَكَّةَ. وذلك أنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى الحَرَمِ، وَكَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ كَبِيرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، كَانَ فِيهِ سَادَاتُها وكُبَرَاؤُهَا، فَأخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتْلُو سُورَةَ النَّجْمِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ السَّجْدَةَ سَجَدَ، وسَجَدَ مَعَهُ القَوْمُ جَمِيعًا، المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ، إِلَّا رَجُلَانِ، هُما: أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، والمُطَّلِبُ بنُ أَبِي وَدَاعَةَ. فَبَلَغَ أَهْلَ الحَبَشةِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أسْلَمُوا، وَقَدْ سَجَدُوا مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ المُهاجِرُونَ: عَشائِرُنا أحَبُّ إِلَيْنَا، فَخَرَجُوا مِنَ الحَبَشَةِ راجِعِينَ إِلَى مَكَّةَ، وهَذا في شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الخامِسَةِ لِلْبِعْثَةِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا دُونَ مَكَّةَ بِساعَةٍ تَبَيَّنَتْ لَهُمُ الحَقِيقَةُ، وعَرَفُوا أَنَّ المُشْرِكِينَ أشَدُّ ما يَكُوُنونَ خُصُومًا للَّهِ ورَسُولِهِ وللْمُسْلِمِينَ، فَهَمُّوا بالرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ، فَقَالُوا: قَدْ بَلَغْنا مَكَّةَ، فَدَخَلُوا مَكَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا مُسْتَخْفِيًا، أَوْ في جِوَارِ رَجُلٍ مِنْ قُريْشٍ، وَعَادَ بَعْضُهُمْ إِلَى الحَبَشَةِ.

ثُمّ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْهِجْرَةِ ثَانِيًا إلَى الْحَبَشَةِ فَهَاجَرَ اثْنَانِ وثَمَانُونَ رَجُلًا و ثَمَانِي عَشْرَةَ امْرَأَةً، وكَانَ أَمِيرُهُمْ فِي هَذِهِ الهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>