وسَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا، وَأَنْ يُنَحِّيَ الجِبَالَ عَنْهُمْ، فَيَزْرَعُوا، فَقِيلَ لَهُ -أيْ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَسْتَأْنِي بِهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ نُؤْتِيَهُمُ الذِي سَأَلُوا، فَإِنْ كَفَرُوا أُهْلِكُوا كَمَا أَهْلَكْتُ مَنْ قَبْلَهُمْ، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا، بَلْ أسْتَأْنِي بِهِمْ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} (١).
وَكَانَ أَبُو جَهْلٍ إِذَا سَمعَ بالرَّجُلِ قَدْ أسْلَمَ، لهُ شَرَفٌ ومَنَعَةٌ، أنَّبَهُ وأخْزَاهُ، وَقَالَ: ترَكْتَ دِينَ أبِيكَ وهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، لنُسَفِّهَنَّ حِلْمَكَ، ولنُفَيِّلَنَّ رَأْيَكَ، ولَنَضَعَنَّ شَرَفَكَ. وَإِنْ كَانَ تَاجِرًا قَالَ: واللَّهِ لنكْسِدَنَّ تِجَارَتَكَ، ولَنُهْلِكَنَّ مَالَكَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا ضَرَبَهُ وأَغْرَى بِهِ.
(١) وَلِهَذَا اقْتَضَتِ الحِكْمَةُ الإِلهِيَّةُ، والرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ، ألَّا يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوا؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ فَيُعَاجِلَهُمْ بِالعَذَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute