للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإسلام يعم الأرض في زمن المسيح]

فَيَمْكُثَ عِيسَى - عليه السلام - فِي أُمَّتِي أَرْبَعِينَ سَنَةً حَكَمًا عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا فَيَكْسِر الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ (١) وَالْخَرَاجَ (٢) وَتُجْمَعُ لَهُ الصَّلَاةُ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُهْلِكُ اللهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا غَيْرَ الْإِسْلَامَ، وَيَنْزِلُ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ (٣)، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ (٤) مِنْهَا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ لَيُثَنِّيَهُمَا جَمِيعًا، ثُمَّ لَئِنْ قَامَ عَلَى قَبْرِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لأُجِيبَنَّهُ. وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فلَا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ وَلَا بَعِيرٍ، وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، وَتُتَّخَذُ السُّيُوفُ مَنَاجِلَ، وَتُمْلَأُ الْأَرْضُ مِنَ السِّلْمِ كَمَا يُمْلَأُ الْإنَاءُ مِنَ الْمَاءِ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً، فلَا يُعْبَدُ إِلَّا اللهُ، وَتَسْلُبُ قُرَيْشٌ مُلْكَهَا (٥). وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ (٦)؛ حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِيّ الْحَيَّةِ فلَا تَضُرَّهُ، وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ، حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَم، وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا، وَتُفِرَّ الْوَلِيدَةُ الْأَسَدَ كَمَا تُفِرُّ وَلَدَ الْكَلْبِ الصَّغِيرِ فَلَا يَضُرُّهَا، طُوبَى لِعَيْشٍ بَعْدَ الْمَسِيحِ، طُوبَى لِعَيْشٍ بَعْدَ الْمَسِيحِ، وَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَدْفِنُونَهُ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}.


(١) الجِزْية: هي الْمَالِ الذي يُعْقَد للْكِتَابي عليه الذِّمَّة، وهي فِعْلة، من الجزَاء، كأنها جَزَتْ عن قَتْلِه، ويدفعون الجزيةُ مقابل إقامتهم في الدولة الإسلامية، وحمايتها لهم.
(٢) الخَرَاج: معناه الغَلَّة، لأَن عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - أَمر بِمَسَاحَةِ أَرضِ السَّوَادِ وأَرضِ الفَيْء، ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه، على غلةٍ يؤدونها كل سنة ولذلك سُمِّي خَراجاً، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتُتِحت صُلْحاً ووُظِّف ما صولحوا عليه على أَراضيهم: خراجية، لأَن تلك الوظيفة أَشبهتْ الخراجَ الذي أُلْزِم به الفلَاّحون، وهو الغَلَّة.
(٣) (فَجّ الرَّوْحَاء): بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة، وَكَانَ طَرِيقُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَدْرٍ وَإِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح، وَعَام حَجَّة الْوَدَاع.
(٤) الإهلال: رفع الصوت بالتلبية.
(٥) (وتَسْلُب) أي: تأخُذُ (قريشٌ مُلْكهَا) من أيدي الكفرة والظلمة؛ لأن المهدي من سلالة قريش؛ مِنْ سَلب المجاهدُ سَلبَ قَتيله.
(٦) الحُمَة: السم. يعني: سموم الحيات وما يلسع.

<<  <   >  >>