[هلاك فرعون وجنده]
فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ مَضَوْا، أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، يَتْبَعُهُمْ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى الْبَحْرِ: أَنْ إِذَا ضَرَبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ، فَانْفَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ فِرْقًا، حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ الْتَقِ عَلَى مَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} وَتَقَارَبَا، قَالَ قَوْمُ مُوسَى: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}. فقَالَ موسى: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى (أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ) فَضَرَبَ مُوسَى الْبَحْرَ بِعَصَاهُ حِينَ دَنَا أَوَائِلُ جُنْدِ فِرْعَوْنَ مِنْ أَوَاخِرِ جُنْدِ مُوسَى، فَانْفَرَقَ الْبَحْرُ كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ، فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ؛ أَرَادَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَهُ بِعَصَاهُ البحرَ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ، لِيَصِيرَ حَائِلًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ فِرْعَوْنَ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ. فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ عَلَى حَالِهِ سَاكِنًا (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا) وَبَشَّرَهُ بِأَنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَخَافُ دَرَكًا وَلَا يَخْشَى. فلما دَخَلَ فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ الْتَقَى البحرُ عَلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَ اللهُ. ولَمَّا أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَوْنَ قَالَ فرعون: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وكان جِبْرِيلُ يأخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَيَدُسُّهُ فِي فِيهِ، مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute