للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نزول عيسى ابن مريم وقتله الدجال]

فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمُ الصُّبْحَ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عليه السلام - عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ (١) وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ (٢)، سَبْطٌ (٣) كَأَنَّ رَأسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، إِذَا طَأطَأَ رَأسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ. عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللهُ مِنْ النَّارِ؛ عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ -عليه السلام-، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ، وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ. كَيْفَ بِكُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ! مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ. فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللهِ، صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ، تَكْرِمَةُ اللهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ. فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ عِيسَى: افْتَحُوا الْبَابَ، فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَهُ الدَّجَّالُ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ، كُلُّهُمْ ذُو سَيْفٍ مُحَلًّى وَسَاجٍ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ (٤)، وَيَنْطَلِقُ هَارِبًا، فلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِ عيسى ابن مريم إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُ عيسى ابن مريم الدجالَ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِفِلَسْطِينَ عِنْدَ بَابِ اللُّدِّ الشَّرْقِيِّ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ (٥) فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ.


(١) ثوبين مصبوغين بالهُرْد وهو: الكركم، أو نحوه.
(٢) الثياب المُمَصَّرَة: التي فيها صُفْرة خفيفة.
(٣) الشعر السَّبْط: المُنْبَسِط المُسْترسل.
(٤) قد يكون فيه حجة لمن قال بأن الدجال ليس إنسياً، والله أعلم.
(٥) يعني: أن الله يجعل قتل الدجال على يد عيسى، كقوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ، وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى}.

<<  <   >  >>