للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حفت الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات]

حُجِبَتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُجِبَتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا. ومَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ، ومَنْ قَضَى اللهُ عَلَيْهِ الْخُلُودَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا. ولَمَّا خَلَقَ اللهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ - عليه السلام - إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا، وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، فَأَمَرَ اللهُ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ، فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ النَّارَ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا، قَالَ: فَأَمَرَ اللهُ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا. ومَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللهَ -عز وجل- الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَطُّ؛ إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ إِيَّايَ، وَلَا اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنِّي.

<<  <   >  >>