[دخول أهل النار النار]
وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً، فَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي.
وتَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ تَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ؛ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالْمُصَوِّرِينَ. ويُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: اغْمِسُوهُ فِي النَّارِ غَمْسَةً فَيُغْمَسُ فِيهَا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟، هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟، فَيَقُولُ: لَا وَاللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَيْتُ خَيْرًا قَطُّ، وَلَا قُرَّةَ عَيْنٍ قَطُّ. {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} (١)، لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ قَدْرَ مَا بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ وَقَعْرِهَا، كَصَخْرَةٍ زِنَتُهَا سَبْعُ خَلِفَاتٍ بِشُحُومِهِنَّ وَلُحُومِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ، تَهْوِي فِيمَا بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَوَاللهِ لَتُمْلَأَنَّ، أَتَحْسَبُونَ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ مِثْلُ نَارِكُمْ هَذِهِ؟، هِيَ أَشَدُّ سَوَادًا مِنَ الْقَارِ. نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تُوقِدُونَ، جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ وَضُرِبَتْ بِالْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لِأَحَدٍ، فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا. اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ؛ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ؛ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ. وإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ثَوْرَانِ مُكَوَّرَانِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ، لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا، وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ -وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ- وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ، كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ جَعْظَرِيٍّ جَمَّاعٍ مَنَّاعٍ.
(١) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ}. قَالَ: كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصْرَ، {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} قَالَ: حِبَالُ السُّفُنِ، تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute