[المرور على الصراط]
ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ (الصِّرَاط) مَدْحَضَةٌ مَزَلَّةٌ، مِثْلَ حَدِّ السَّيْفِ الْمُرْهَفِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لَسَبْعُونَ خَرِيفًا. وَالرَّبُّ - عز وجل - أَمَامَهُمْ يَقُولُ: مُرُّوا. وَفِي حَافَّتَيْ الصِّرَاطِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ مِثْلُ شَوْكٍ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللهُ، مُعَلَّقَةٌ مَأمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ. وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ يَوْمَئِذٍ مَن الْمُؤْمِن. فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنْ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، وَيَنْجُوا الْمُؤْمِنُونَ، فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ كَالْبَرْقِ، أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟، وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، سَبْعُونَ أَلْفًا لَا يُحَاسَبُونَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوَءِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ كَذَلِكَ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، وَآخَرُونَ يَسْعَوْنَ سَعْيًا، وَآخَرُونَ يَمْشُونَ مَشْيًا، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. فَمِنْهُمْ الْمُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ (١) وَمِنْهُمْ الْمُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى وَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، مَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي أُعْطِيَ نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمَيْهِ، يَحْبُو عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، تَخِرُّ رِجْلُ، وَتَعْلَقُ رِجْلٌ، وَيُصِيبُ جَوَانُبَهُ النَّارُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا، يُسْحَبُ سَحْبًا، فلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْلُصَ، فَإِذَا خَلَصَ وَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللهُ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا، أَنْ نَجَّانِي مِنْهَا بَعْدَ إِذْ رَأَيْتُهَا.
(١) أي: على الصراط بلا خطف ولا سقوط في جهنم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute