للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أمور ستقع قبل قيام الساعة]

وإِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْيَمَامَةِ وَمِنْهُمْ صَاحِبُ صَنْعَاءَ -الْعَنْسِيُّ- وَمِنْهُمْ صَاحِبُ حِمْيَرَ، وَمِنْهُمُ الدَّجَّالُ، وَهُوَ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً. ولَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ: الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عليه السلام - وَيَأَجُوجَ وَمَأجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ (١)، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ (٢)، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، والشَّامُ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ (٣).

أَسْرَعُ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَنَاءً قُرَيْشٌ، وَيُوشِكُ أَنْ تَمُرَّ الْمَرْأَةُ بِالنَّعْلِ، فَتَقُولَ: إِنَّ هَذَا نَعْلُ قُرَشِيٍّ، كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي حِمْيَرَ، فَنَزَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ، فَجَعَلَهُ فِي قُرَيْشٍ وسَيَعُوُدُ إِلَيْهِمْ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ، لَا تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي يُقَالُ لَهُ الْجَهْجَاهُ (٤). ولَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَيَنْقُصَ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَتَتَقَارَبَ الْأسْوَاقُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْقَتْلُ، وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، يَخْرُجُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فلَا يَجِدُ أَحَداً يَقْبَلُهَا مِنْهُ، يَقُولُ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أَرَبَ لِي بِهِ. كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا مَرِجَ الدِّينُ وَظَهَرَتْ الرَّغْبَةُ (٥) وَسُفِكَ الدَّمُ، وَظَهَرَتِ الزِّينَةُ، وَشَرُفَ الْبُنْيَانُ وَاخْتَلَفَ الْإِخْوَانُ، وَحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ! وَتَفْشُوَ التِّجَارَةُ، وَيَبِيعَ الرَّجُلُ الْبَيْعَ فَيَقُولَ: لَا، حَتَّى أَسْتَأمِرَ تَاجِرَ بَنِي فُلَانٍ. ولَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى (٦)، وَحَتَّى يَبْنِيَ النَّاسُ بُيُوتًا يُوشُونَهَا وَشْيَ الْمَرَاحِيلِ (٧) ويَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ، إِذَا زَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ فَالدَّمَارُ عَلَيْكُمْ،


(١) وروي حديث: "يَا أَنَسُ إِنَّ النَّاسَ يُمَصِّرُونَ أَمْصَارًا وَإِنَّ مِصْرًا مِنْهَا يُقَالُ لَهُ: الْبَصْرَةُ، فَإِنْ أَنْتَ مَرَرْتَ بِهَا، أَوْ دَخَلْتَهَا، فَإِيَّاكَ وَسِبَاخَهَا وَكَلَّاءَهَا وَسُوقَهَا وَبَابَ أُمَرَائِهَا وَعَلَيْكَ بِضَوَاحِيهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ بِهَا خَسْفٌ وَقَذْفٌ وَرَجْفٌ، وَقَوْمٌ يَبِيتُونَ؛ يُصْبِحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ". رواه أبو داود وصححه الألباني، ويرى بعض المحققين أنه لا يثبت رفعه، وأنه موقوف من قول عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، ولكون أنس رضي الله عنه قد سكن البصرة.
(٢) جاء في الأحاديث عنه عليه الصلاة والسلام: "الْعَجَبُ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ اسْتَعَاذَ بِالْحَرَمِ، لَا تَنْتَهِي الْبُعُوثُ عَن غَزْوِ هَذَا الْبَيْتِ حَتَّى يُخْسَفَ بِجَيْشٍ مِنْهُمْ بِالْبَيْدَاءِ، سَيَعُوذُ بِهَذَا الْبَيْتِ - يَعْنِي الْكَعْبَةَ - قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلَا عَدَدٌ وَلَا عُدَّةٌ، يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ؛ خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ، فلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: إِنَّهَا لَبَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ. وَعَنْ بُقَيْرَةَ الهلالية - امْرَأَةِ الْقَعْقَاعِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ - رضي الله عنها - قَالَتْ: إِنِّي لَجَالِسَةٌ فِي صُفَّةِ النِّسَاءِ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ وَهُوَ يُشِيرُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَيْشٍ قَدْ خُسِفَ بِهِ هَهُنَا قَرِيبًا، فَقَدْ أَظَلَّتْ السَّاعَةُ".
(٣) أَي: الْبقْعَة الَّتِي يجمع النَّاس فِيهَا إِلَى الْحساب وينشرون من قُبُورهم ثمَّ يساقون إِلَيْهَا.
(٤) أَصْلُ الْجَهْجَاه: الصَّيَّاح.
(٥) قال ابن الأثير: (الرغبة) قلة العفة، وكثرة السؤال.
(٦) أَيْ: يَبْلُغُ ضَوْؤُهَا إِلَى الْإِبِلِ الَّتِي تَكُونُ بِبُصْرَى، وَهِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ أَرْضِ الشَّام، وَهِيَ مَدِينَةُ حُورَان.
(٧) (وَشْيُ الثَّوْب): نَقْشه. يَعْنِي الثِّيَابَ الْمُخَطَّطَةَ. والْمُرَحَّل: الذي قد نُقِشَ فيه تصاوير الرِّحَال، ومنه الحديث: كان يصلي وعليه من هذه المُرَحَّلات، يعني المُروط المُرَحَّلة.

<<  <   >  >>