وكان يهودُ بَني قَيْنقاعَ حُلفاءَ الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ دَاخِلَ المَدِينَةِ، ويهود بَني النَّضِيرِ، وبَني قُرَيْظَةَ كَانُوا حُلفاءَ الأَوْسِ، وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ في عَوَالِي المَدِينَةِ. فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير حتى نزل إلى جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدث أهلها؛ إذ سمع به عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، فإن أخبرتني بها آمنت بك، وإن لم تعلمهن عرفت أنك لست بنبي. قال:" سل "، قال: ما أول أشراط الساعة؟ أول شيء يحشر الناس؟ وما أول ما يأكل منه أهل الجنة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟ من أي شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟، قال:" أخبرني بهن جبريل آنفاً. " فقال عبد الله: جبريل؟، قال:" نعم "، قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية:{من كان عدواً لجبريل، فإنه نزله على قلبك بإذن الله}. أما أول أشراط الساعة، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تخرج من قبل المشرق، فتحشرهم إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة، فزيادة كبد حوت، رأس ثور وكبد حوت. وأما الشبه في الولد، فإن الرجل إذا غشي المرأة، فسبقها ماؤه، كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها، كان الشبه لها ". قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأنك جئت بحق. ثم قال: يا رسول الله، قد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم؛ فأخبئني عندك وابعث إليهم واسألهم عني: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم، قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم، بهتوني عندك وقالوا فيّ ما ليس فيّ.