للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من معجزاته وخصاله عليه الصلاة والسلام]

يقول عن نفسه عليه الصلاة والسلام: أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ عَلَى الْعَدُوِّ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ يَقْذِفُهُ اللهُ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِي، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَلَاةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ، وَكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ، إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ (١)، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ، وَالْخَامِسَةُ هِيَ مَا هِيَ، قِيلَ لِي: سَلْ، فَإِنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ سَأَلَ، فَأَخَّرْتُ مَسْأَلَتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ شَفَاعَةً لِأُمَّتِي (٢) وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ لَقِيَ اللهَ - عز وجل - لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ الْبَارِحَةَ، أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ".

وكان جميل الوجه حتى وصفوه بالبدر، وعرقه من أطيب الطيب، تنام عيناه ولا ينام قلبه، ويأخذ الهدية ولا يأكل الصدقة، ويرى المؤمومين في الصلاة خلفه، ويواصل الصيام يبيت يطعمه ربه ويسقيه، عرفه أهل الكتاب في كتبهم باسمه ووصفه ومخرجه ومبعثه، وحاجّهم مراراً ونُكسوا عن مباهلته، وصارع ركانة فصرعه، وأمر جبل أحد أن يثبت لما اهتز، وخنق إبليس حتى أحس ببرد لعابه بين إصبعيه، وأعانه الله على شيطانه فأسلم، ومن رآه في المنام فقد رآه حقاً فإن الشيطان لا يتمثل به.

وشهد الله له أنه على خلق عظيم، وكان خلقه القرآن، ومَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا لَعَنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ لَعْنَةٍ تُذْكَرُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ - عز وجل - فَيَنْتَقِمَ للهِ، وَمَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَسَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَقْدَامِ،


(١) (البِيعَة): مَعْبَد النَّصَارَى.
(٢) وفي الحديث: ِلكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فِي أُمَّتِهِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ.

<<  <   >  >>