للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[دخول أهل الجنة الجنة]

آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟، فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ. ويَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَوَّلُ زُمْرَةٍ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، عَلَى مِسْحَةِ آدَمَ، وصُورَةِ يُوسُفَ، وَقَلَبِ أَيُّوبَ، مُتَمَاسِكُونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً (١)، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ - عز وجل -: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ وَلَا يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَيَكُونُ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءً، آنِيَتُهُمْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَرَشْحُهُمْ (٢) الْمِسْكُ، وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ (٣)، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ، أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ، أَبْنَاءُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ عَرْضًا، جُرْدٌ مُرْدٌ (٤)، مُكَحَّلُونَ، بِيضٌ جِعَادٌ (٥)، أَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً يَرَى مُخَّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ وَالثِّيَابِ مِنْ الْحُسْنِ، كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا. ويَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَهُوَ خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ، {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}.


(١) وفي الحديث: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي - عز وجل -". وفي رواية: " وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَاسْتَزَدْتُ رَبِّي - عز وجل - فَزَادَنِي مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا ".
(٢) يعني رائحة عرقهم.
(٣) يعني: الْعُودُ الْهِنْدِيُّ الْجَيِّدُ الذي يُتَبَخَّر بِهِ.
(٤) الأجرد: هو الذي لا شعر على جسده. والأمرد: هو الذي لم يبلغ سن إنبات شعر لحيته، والمقصود هنا أن أهل الجنة ليس على وجوههم ولا على أجسادهم شعر، كشعر الرجلين والعانة والإبط، وغيره مما هو شعر زائد.
(٥) الجعد: هو ما فيه التواء في شعره وانقباض، لا كمفلفل السودان، وفيه جمال ودلالة على قوة البدن.

<<  <   >  >>