للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إخراج بعث النار وهول الموقف]

وَأَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَيُنَادِيهِ رَبُّهُ تَعَالَى فَيَقُولُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّ وَسَعْدَيْكَ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتَهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّنَا: أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَكَمْ أُخْرِجُ؟، فَيَقُولُ اللهُ - عز وجل -: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ، تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الصَّغِيرُ (وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ)، اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَمَعَ خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ: (يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ) وَ (مَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ وَبَنِي إِبْلِيسَ)، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ أَلْفًا، لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَ اللهُ مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ دُفِعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَيُقَالُ: هَذَا فِدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ (١)، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ. ويُدْعَى نُوحٌ وَأُمَّتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ لَهُ اللهُ تَعَالَى: هَلْ بَلَّغْتَ؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟، فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَّتُهُ، فَتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، فَيُقَالُ: هَلْ بَلَّغَ هَذَا؟، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ؟، فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا، فَصَدَّقْنَاهُ، فَتَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، ثُمَّ أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.


(١) أَيْ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُعْطِي مَنْزِلَتَك فِي النَّار إِيَّاهُ، وَيُعْطِي مَنْزِلَتَهُ فِي الْجَنَّة إِيَّاكَ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِد مِنْ بَنِي آدَم مَنْزِلَيْنِ. و قَدْ قَدَّرَ لِلنَّارِ عَدَدٌ مِنَ المُعَذَّبِينَ، فَإِذَا دَخَلَهَا الْكُفَّارُ بِكُفْرِهِمْ وَذُنُوبهمْ صَارُوا فِي مَعْنَى الْفِدَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ.

<<  <   >  >>