للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العرض والحساب]

وإِنَّ اللهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ (١) وَيَسْتُرُهُ فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ بيمينه، {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} وهذا هو العرض، تُعْرَضُ عَلَيْهِ ذُنُوبُهُ، ثُمَّ يُتَجَاوَزُ لَهُ عَنْهَا، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ. ومَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ. كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. وإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو اللهُ بِهِ رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ، فَيَقُولُ اللهُ لِلْقَارِئِ: أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ الْقُرْآنَ فَكُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللهُ لَهُ: بَلْ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: هُوَ عَالِمٌ، وَقَرَأتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟، قَالَ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ، وَأَتَصَدَّقُ، وَمَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا، إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.


(١) الكنف: الستر. أَي يستره فَلَا يَفْضَحهُ.

<<  <   >  >>