سميت السنة التاسعة من الهجرة: عام الوفود، حيث كان من أبرز نتائج فتح مكة أن أخذت قبائل العرب وأفرادها يبادرون بإسلامهم؛ لأنهم كانوا ينتظرون نتيجة الصراع بين المسلمين وقريش، وَفِيها هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَزْوَاجَهُ، وَآلَى مِنْهُنَّ شَهْرًا، فَاعْتَزَلَ عَنْهُنَّ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى أَزْوَاجِهِ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
[وفاة النجاشي أصحمة]
وفي رجب منها توفي أصحمة بن أبجر ملك الحبشة. والنجاشي لقب له ولملوك الحبشة. وقد أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسن إلى المسلمين الذين هاجروا إلى أرضه. ونَعَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمُ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة الغائب. وَقَالَ:"قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمْ"، فَقَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ:"النَّجَاشِيُّ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَة، اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُم". فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ إلَى الْمُصَلَّى وَصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ.