[دنو الشمس]
وَتَدْنُو مِنْهُمْ الشَّمْسُ عَلَى قَدْرِ مِيلٍ وَيُزَادُ فِي حَرِّهَا، يَغْلِي مِنْهَا الْهَوَامُّ كَمَا تَغْلِي الْقُدُورُ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وخَطَايَاهُمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ إِلَى سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ إِلَى وَسَطِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إلْجَامًا (١)، حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا. سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. ومَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ؛ أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ. ويُطَوَّلُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يَحْتَمِلُونَ، فأَمَّا الْكَافِرُ فَيَتَغَشَّاهُ الْمَوْتُ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَهُوَ عَلَيْهِ كَالزَّكْمَةِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ مَجْرُوحٍ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِهِ - إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ جُرِحَ تَفَجَّرُ دَماً، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ كَالزَّعْفَرَانِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ، والْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(١) وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. يعني: إلى فمه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute