للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قدوم الوفود ومنهم نصارى نجران]

وجاء وَفْدُ الدَّارِيِّينَ بعد الانصراف مِنْ تَبُوكَ، وَفِيهِمْ: تَمِيمُ بْنُ أَوْسٍ الدَّارِيُّ وَأَخُوهُ نُعَيْمٌ. وجاء وَفْدُ ثَقِيفٍ ووَفْدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعصَعَةَ ووَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ. وبقيت الوفود تتابع إلى رسول الله، وجاء وَفْدُ نَصَارَى نَجْرَانَ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَتَبَ إِلَيْهِم كِتَابًا يَدْعُوهُم فِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَوِ الْجِزْيَةِ، وَإِلَّا آذَنَهُمْ بِحَربٍ، فَذُعِرَ أَهْلُ نَجْرَانَ ذُعْرًا شَدِيدًا، فبعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَفْدَهُم، وَكَانُوا سِتِّينَ رَجُلًا، فِيهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ إِلَيْهِم يَؤُولُ أَمْرُهُمْ، فدعاهم للإسلام وحاججهم، وجَاءَ رَاهِبَا نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَسْلِمَا تَسْلَمَا". فَقَالَا: قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَذَبْتُمَا، مَنَعَكُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثٌ: سُجُودُكُمَا لِلصَّلِيبِ، وَقَوْلُكُمَا: اتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا، وَشُرْبُكُمَا الْخَمْرَ"، فَقَالُوا: مَا تَقُولُ فِي عِيسَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هُوَ رُوحُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". ونزلت بضع وثمانون آية من سورة آل عمران قرأها عليهم، فلم يقبلوا، وباهلهم فنكصوا عن المباهلة، ثم رغبوا في الصلح والجزية فجعل لهم ذمة، فَلَمَّا قَبَضَ أَهْلُ نَجْرَانَ كِتَابَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَرَادُوا الْانْصِرَافَ إِلَى نَجْرَانَ، طَلَبُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَبْعَثَ مَعَهُمْ رَجُلًا أَمِينًا، لِيَقْبِضَ مَالَ الصُّلْحِ، وَليَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فِي أَشْيَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا فِي أَمْوَالِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ"، ثم قَالَ: "قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ"، فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ".

<<  <   >  >>