وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ على داود لِثَمَانِ عَشْرَةَ ليلة خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وخفف على داود قراءته، فكان ما بين أن يسرج دابته على أن يركبها يقرأ قرآنه وهو الزبور.
وآتى اللهُ داوودَ نبوة وملكًا، وقوى ملكه بما وهبه من الهيبة والنصر، وجعله ذا قوة على مقارعة أعدائه والصبر على طاعة الله، وأعطاه الحكمة والفصل في الكلام والحُكْم. وجعل الجبال والطير ترجّع معه التسبيح، وصيّر له الحديد ليِّناً ليصنع منه ما يشاء من أدوات، وعلمه الله أن يصنع دروعًا واسعة تقي مقاتليه بأس عدوّهم، ويُصيّر المسامير مناسبة للحِلَق فلا تكون دقيقة بحيث لا تستقرّ فيها، ولا غليظة بحيث لا تدخل فيها. وإِنَّ لُقْمَانَ كَانَ عِنْدَ دَاوُدَ وَهُوَ يَسْرُدُ الدِّرْعَ فَجَعَلَ يَفْتِلُهُ بِيَدِهِ ولُقْمَانُ يَتَعَجَّبُ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَهُ وَتَمْنَعُهُ حِكْمَتُهُ أَنْ يَسْأَلَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا صَبَّهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ: نِعْمَ دِرْعُ الْحَرْبِ هَذِهِ، فَقَالَ لُقْمَانُ: الصَّمْتُ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ، كُنْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ فَسَكَتُّ حَتَّى كَفَيْتَنِي.