[تحريف النصارى دينهم وتفرقهم]
ثم إنّ النَّصَارَى -بعد فتنة بولس وتحريفه لدين المسيح عليه السلام- تفرقوا واختلفوا (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، فَتَفَرَّقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَقَالَت فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا اللهُ مَا شَاءَ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، وَهَؤُلَاءِ الْيَعْقُوبِيَّةِ أَصْحَابِ يَعْقُوبَ الْبَرَادِعِيِّ (الأرثدوكس)، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا ابْنُ اللهِ مَا شَاءَ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ النَّسْطُورِيَّةِ أَصْحَابُ نَسْطُورَسَ (الكاثوليك)، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ هم الْمُسْلِمُونَ المتبعون للمسيح عليه السلام، ومنهم الْأَرْيُوسِيَّةِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْيُوسَ.
فأما النسطورية والعقوبية وما تفرع عنهم من فرق كافرة؛ فكلُّ فِرْقَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تُكَفِّرُ الْأُخْرَى وَتَعْتَقِدُ تَخْلِيدَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَلَا ترى مُجَامَعَتَهُمْ فِي الْمَعَابِدِ وَالْكَنَائِسِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ بالتثليث، وَلَكِنْ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ فِي الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ فِيمَا بَيْنُ اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ هَلْ تَدَرَّعَهُ؟ أَوْ حَلَّ فِيهِ؟ أَوِ اتَّحَدَ بِه؟ ِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ شَدِيدٌ وَكُفْرُهُمْ بِسَبَبِهِ غَلِيظٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute