وأهل فارس لما مات نبيهم، كتب لهم إبليس المجوسية، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ إِلَى كِسْرَى يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُرِئَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَهُ فَمَزَّقَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ "، وَكَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ أَنِ ابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ فَلْيَأتِيَانِي بِخَبَرِهِ، فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ وَرَجُلًا آخَرَ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَابًا، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ وَفَرَائِصُهُمَا تُرْعَدُ، فَدَفَعَا كِتَابَ بَاذَانَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: ارْجِعَا عَنِّي يَوْمَكُمَا هَذَا حَتَّى تَأتِيَانِي الْغَدَ فَأُخْبِرَكُمَا بِمَا أُرِيدُ، فَجَاءَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ لَهُمَا:" أَبْلِغَا صَاحِبَكُمَا أَنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّهُ كِسْرَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِسَبْعِ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا - وَهِيَ لَيْلَةُ الثُّلاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ - وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ ". فَرَجَعَا إِلَى بَاذَانَ بِذَلِكَ، فَأَسْلَمَ هو وَالْأَبْنَاءُ (١) الَّذِينَ بِالْيَمَنِ.
(١) يُقال لأولادِ فارِس: الأبناء، وهم الذين أرسَلَهُمْ كسرى مع سَيْفِ بنِ ذِي يَزَن لما جاء يستَنْجِدُهُ على الحبَشَةِ، فنَصَرُوهُ ومَلَكُوا اليمن، وتدَيَّروها وتزوَّجُوا في العرب، فقيل لأولادهم الأبناء، وغلب عليهم هذا الاسم؛ لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم.