للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قضية الكتاب؛ قال لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا ". قال: فوالله ما قام منهم رجل، ثم عاد بمثلها، فما قام رجل، ثم عاد بمثلها، فما قام رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات. فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة - رضي الله عنها - فقال: يا أم سلمة، ما شأن الناس؟، قالت: يا رسول الله، قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنساناً، واعمد إلى هديك حيث كان، فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكلم أحداً، حتى أتى هديه فنحره بالحديبية قبل أن يحلق، ثم دعا حالقه فحلق. فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً. حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً. فحلق رجال يوم الحديبية، وقصر آخرون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين؟، قال: " اللهم اغفر للمحلقين "، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين؟ قال: " اللهم اغفر للمحلقين "، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين؟ قال: " وللمقصرين ". قالوا: فما بال المحلقين يا رسول الله ظاهرت لهم الرحمة ثلاثاً (١) وللمقصرين واحدة؟، قال: " إنهم لم يشكّوا". (٢)


(١) أي: أعنتهم وأيدتهم بالدعاء لهم ثلاث مرات.
(٢) أي: ما عاملوا معاملة من يشك في أن الاتباع أحسن، وأما من قصر فقد عامل معاملة الشاك في ذلك، حيث ترك فعله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>