للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ سُلَالَةِ إسماعيل (١) عليه السلام مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَى خَاتَمِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَسَيِّدِهِمْ، وَفَخْرِ بَنِي آدَمَ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ؛ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ الْمَكِّيِّ ثُمَّ الْمَدَنِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وبقيت شعائر الحج وملة الحنيفية والتوحيد في العرب إلى أن غيرها عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفٍ بعبادة الأصنام مع الله، فهو يَجُرُّ قُصْبَهُ (٢) فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ، وَسَيَّبَ السَّوَائِبَ (٣)، وَكَانَ قَدْ أَتَى الشَّامَ وَرَآهُمْ بِالْبَلْقَاءِ لَهُمْ أَصْنَامٌ يَسْتَجْلِبُونَ بِهَا الْمَنَافِعَ وَيَدْفَعُونَ بِهَا الْمَضَارَّ، فَصَنْعُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي مَكَّةَ لَمَّا كَانَتْ خُزَاعَةُ وُلَاةَ الْبَيْتِ قَبْلَ قُرَيْشٍ، وَكَانَ هُوَ سَيِّدَ خُزَاعَةَ (٤).


(١) قال ابن كثير عن إسماعيل -عليه السلام-: "وَعَرَبُ الْحِجَازِ كُلُّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى وَلَدَيْهِ نَابِتٍ وَقَيْدَارٍ، فمِنْهُ الْعَرَبُ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا". وقال ابن حجر في الفتح:". . وَزَعَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ إِلَى أَنَّ قَحْطَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ وَأَنَّهُ قَحْطَانُ بْنُ الْهَمَيْسَعِ بْنِ تَيْمِ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي قِصَّةِ هَاجَرَ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ يُخَاطِبُ الْأَنْصَارَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَقْدِي وَذَلِكَ أَنَّ عدد الْآبَاء بَين الْمَشْهُورين من الصَّحَابَة وَغَيرهم وَبَيْنَ قَحْطَانَ مُتَقَارِبٌ مِنْ عَدَدِ الْآبَاءِ بَيْنَ الْمَشْهُورِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَبَيْنَ عَدْنَانَ". وقد تقدمت الإشارة لذلك عند ذكر لقاء إبراهيم بإسماعيل عليهما السلام -وإسماعيل يبري نبلاً له- وحديث: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً". وَقَدْ كَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْماَعِيلَ".
(٢) أمعاءه.
(٣) السَّائبةُ: هي النَّاقةُ المتروكةُ والمنذورةُ للطَّواغيتِ، وكانت النَّاقةُ البِكْر تَبكُر في أوَّل نِتاج الإبل، ثمَّ تُثنِّي بعد ذلك في الولاداتِ التَّاليةِ بالإناث، فإذا وَلَدتِ النَّاقةُ عشرةَ أبطنٍ كلُّهن إناثٌ، فكانوا يُسيِّبونها لِطواغيتِهم إنْ وصلتْ إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذَكَرٌ.
(٤) قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأكثم بن الجون الخزاعي: "يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قُصْبه في النار فما رأيت رجلاً أشبه برجل منك به ولا بك منه". فقال أكثم: عسى أنْ يضرني شبهه يا رسول الله؟ قال "لا، إنك مؤمن وهو كافر، إنّه كان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي".

<<  <   >  >>